لعل عنوان المقال يبدو غريبا هذه المره ويوحي ان هنالك اسرة من الاسر ذات البرستيج العالي قد صادفها عيد ميلاد احد افرادها في مستشفي فقرروا ان لاتفوت المناسبه وتمر مرور الكرام دون الاحتفاء بها ولكن في الواقع الامر مختلف تماما عما يخطر بمخيلة اي انسان ولعل مقالي هذا ياتي امتدادا لمقال كتبته قبل مايربو علي الثلاث سنوات تحت عنوان( انت هندي؟؟؟) والذي عكست فيه مارايته بام عيني من نهضه وتطور ببلاد العجائب الهند من معمار وخدمات وصحه مما اعطاها مركزا متقدما في الدول المتحضرة ولعلي هذه المره اود ان اعكس ماشهدته من حضارة حقيقيه وانسانيه منقطعه النظير في مستشفي ميوت لطب وجراحة قلب الاطفال بمدينة مدراس (شناي)…
يعكس مدي روح الانسانيه التي يتحلي بها الطاقم الطبي العامل باكمله وعلي راسه الجراح الماهر الدكتور روبرت كوهي ذاك الرجل الوضىء الوجه مشرق التعابير بسام المحيا…باعث الامل في قلوب التعابي والغلابي …
مصدر اعجابي وانبهاري هذه المره هو مارايته وعايشته وماسمعته من قصص وحكاوي اقرب من الخيال بصورة مذهله تصيب من يسمعها بالدهشة والانبهار تصلح ان تكون رواية او قصة كانها من قصص الخيال العلمي ووحي عباقرتها ولكنها اصدق في الحقيقه من الخيال لانها واقع معاش يجب ان تكون تجربة تحتذي وتدرس لطلاب الطب وتصلح ان تكون خطة عمل لكل وزير صحه صادق في تقديم خدمه انسانيه منبعها حكمة الخالق في خلق البشر وهي تكريمه للانسان حين قال انا كرمنا بني ادم…
عن السستم احكي ولا استحي جوغة من الموظفين كل يعرف واجباته وازمنته وحدوده لدرجة التقديس..فعمال النظافه وموظفي الاسانسير والمحاسبين علي كاونترات الكاشير كل يعرف واجباته علي الوجه الاكمل تري كم هي رواتبهم التي تجعلهم يقبلون علي استقبالنا بهذه الحيوية ويخدموننا بهذه الاريحيه وكل هذا القدر من الاحترام والاهتمام؟؟؟
اما موظفي العلاقات العامه او بالاحري موظفات اولئك النسوة اللائي كاللالئ ..المتقطرات حسنا وألق. يبعث في الحنايا مزيجا من الاحساس مابين الشوق والحنين الي الاهل والوطن ورغبة تلوح من بعييد في المكوث حين يطرقن بادب علي باب غرفتك لاخطارك بمواعيد حجزك للسفر او حتمية التجديد…
اما الطاقم الطبي فهو سر الاسرار ومدعاتي للكتابة والتعبير…
فالطبيبات هنا يدور جدل كثيف بيننا هل هن اكثر تحنانا علي اطفالنا ام الامهات ؟؟؟؟
ولعل الاخ نصرالدين اكثرنا دخولا علي غرفة العناية يعطيك تفاصيل ماشاهد هنالك فيحكي ان عددهن يساوي عدد السرائر والمرضي بغرفة العناية كل طفل مخصصة له طبيبه تقف طيلة فترة دوامها البالغة ثمانية ساعات متواصلة امام سرير
الطفل مباشرة تراقب صحواته وصرخاته وتاوهاته تلاطفه اذا بكي وتلاعبه اذا استيقظ تطعمه اذا جاع وتسقيه اذا ظمأ..ولعل نصرالدين قد اشفق علي احداهن فطلب اليها ان تجلس لتاخذ قسطا من الراحه..لكنها اشارت الي الاجهزة التي تعكس النبضات والاوكسجين وقياس الضغط اخشي ان اغفو فيضيع الطفل…
انهم يخصصون طبيبة علم نفس لتهيئة الطفل استعدادا لقدوم طبيب العلاج الطبيعي …
اما السسترات فهن كخلايا النحل حيوية او ان صح التعبير هن النحل بذاته يتقطرن شفاء وصحة علي الاطفال .مداعبة وتلطفا غدوا ورواحا وحضورا في مواعيد الادوية وجلسات الاوكسجين ومراجعه وتدوين كميات المياه والعصائر التي تعطي للطفل ومقارنتها بالفضلات التي اخرجها بفعل المدررات ..
اما ربان هذه السفينة دكتور روبرت فلن اتمكن من حصر مناقبه فهو انساان بكل ماتحمل الكلمة من معاني فلا يترك بابا يعبر عن اسمي معانيها الا وولج منه.شعلة من النشاط وحركة دوؤبة لاتهدا قد يجري في اليوم عمليتين منواصلتين تقارب الستة عشر ساعة ويكون اشد حرصا علي تطمين اسرة المريض بنفسه فور خروجه من غرفة العمليات وشرح العملية بالتفصيل والمتوقع..هذا بعد ان يكون قد شرحها للاسرة قبل يوم وتنويرها بحجم المخاطر ونسبة النجاح..ونسبة لضعف التشخيص الاولي للمرضي في السودان او غيره من الدول الافريقية فقد يظهر في كثير من الاحيان اختلاف جوهري عن التشخيص والمراحل مما يتطلب عمليات اضافيه يكون ذوى المريض لم يضعونها في حسبان التكلفة من ضعف في انسجة وصمامات وغيره او حوجة المريض لوضعه في جهاز عالي الدقه والتكلفة لاسعاف المريض او حدوث مضاعفات تتطلب مكوث الطفل فترة كبيرة في غرفة العناية والمستشفي مما يتطلب تكاليف اضافيه يكون غالبية السودانيين في الغالب الاعم ( معلمين الله)وباعوا القدامهم والوراهم..فهنا يخاطبك بالتكلفة الجديدة في ادب جم كانه هو المطلوب وليس الطالب دون تقاعس عن اجراء اي اسعاف اضافي بسبب المادة بعكس مايحدث في مستشفيات بلادي التي يزكرني دفع (امنية)باهظة للمستشفي قبل دخول المريض اليها بشرب البارد من الكولا والبيبسي الزجاجي ونحن في الطفولة حين يرفض صاحب الدكان ان يعطيك قزازة البارد قبل دفع الامنية خشية ان تتكسر..والعجيب عندنا عدم تسليم الجثمان لذويه قبل دفع الامنية …
فتجد دكتور روبرت سباقا لتخفيف العبء عن كل محتاج وتخفيض الرسوم الي حد الاعفاء في بعض المرات وفقا لتقييمه وانت عنده صادق وان كذبت وهنا يساورنا سوال هل هو مومن لان المومن صديق؟؟؟
اما عن احساسه المرهف نحو الاطفال والذي يسكب فيه كل مشاعر الطب والابوة والانسانية وهو الذي دفعني دفعا لكتابة هذه الاحرف البسيطه في حقه مشهدين .احدهما رايته بنفسي وهو اثناء مروره اليومي علي المرضي في الغرف ان تلك الطفلة الجميلة الشقية شيرين وقد اشتري لها والدها سماعه بلاستيكيه كتلك التي يحملها الاطباء لقياس ضربات القلب فصاحت في براءة لدكتور روبرت يادكتور (تعال انفحص ليك)..فجثا علي ركبتيه في رقه وسمح لها بوضع السماعه علي صدره وذاد علي ذلك بان كح كحة طويله حتي يعطيها الاحساس الكامل انها الطبيبه وهو المريض..
اما قصته مع الطفل ميرغني محمد ميرغني فهو زخم الانسانية بعينها ور سالة لكل الناس ان احساس الطبيب بالمريض وعلاقته به ليست علاجا جراحيا وعقاقيرا طبيه وروشتات فحسب ..ولكن احساسا نفسيا ورسالة خالدة تبعث في الروح دفقا معنويا لاينضب…
فهاهو دكتور روبرت بكامل اسطافه يفاجي اسرة الطفل التي انساها المرض يوم مولده ..لكن الدكتور النبيه ومن متابعته الدقيقه لكل صغيرة وكبيره في سجل مريضه ..فهاهم يقومون بتنظيم حفل عيد ميلاده كانه عيد ميلاد الحسناء التي عزمت البشري ابراهيم لما فيه من الق وبها تظهره الصور المرفقه بصورة مذهله تركت اثرا طيبا وبعثت روحا معنوية اضافيه في كل اسر المرضي ..فهاهو الدكتور الانسان يحمل هديته ومعها تورتة عيد الميلاد قد قام بتجهيزتها علي نفقته وبطريقته الخاصة مرسوما عليها صورة المحتفي به ..وقام بتقطيعها بنفسه مشاركا بكل انسجام كل مراسم الحفل..
هي رسالة لكل اطباء بلادي ان الطب مهنة انسانية في المقام الاول وليست استثماريه..وهي رسالة لحكومة بلادي في المقام الثاني ان اهتموا بالصحه واهلوا المستشفيات واهتموا بالكوادر الطبيه من حيث المرتبات والتاهيل الاكاديمي والنفسي حتي يكونوا مهيأين لتقديم خدمه انسانيه متكامله وراقيه…
وتحايا خاصه جدا لابناء الوطن وسفراءنا طاقم المترجمين الذين يقفون علي تذليل كل الصعاب للوافدين من ارض الوطن رغم صعوبة الموازنه مابين متطلبات المهنه والتنشئة السودانيه السمحاء فالتحايا ل عزالعرب ومحمد النعيم ومحمد عبدو وناصر
والله الموفق..
التعليقات