بين الحروف


بقلم : عمر دمباي
استغربت كغيري من الاحتجاجات التي باتت تظهر من منطقة لأخرى رافضة لإجراء الحجر الصحي للسودانيين المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا.
احتج أهالي النقعة والمصورات بولاية نهر النيل، على اختيار المنطقة كمكان للحجر الصحي للمشتبه بهم بالفيروس اللعين من قبل الحكومة، وهاج أهالي المنطقة رافضين الخطوة.. بعدهم بأيام احتج أهالي منطقة الدبة بالولاية الشمالية على إجراء الحجر الصحي لإخوانهم السودانيين القادمين من جمهورية مصر العربية بالمنطقة، سار في ذات النهج والطريق أهالي محلية ريفي كسلا وهم يحصبون الأطباء والمسؤولين بالولاية لاختيارهم مستشفى عواض موقعاً للحجر الصحي.. وأمس الأول خرج أهالي منطقة جبرة بالخرطوم، وأغلقوا الشوارع وأحرقوا الإطارات وهددوا بحرق مستشفى جبرة بأكمله لمجرد اختيار المستشفى كواحد من المواقع المختارة للحجر الصحي بالبلاد.. على المستوى الرسمي جاءت توجيهات للمستشفيات العسكرية بعدم استقبال أي حالات كورونا مشتبهة!!
يبقى السؤال حال احتج أهالي كل منطقة بها مستشفى أو موقع للحجر الصحي وممانعتهم في قيام محجر صحي بمنطقتهم، فأين سيتم حجر إخوانهم السودانيين؟، الم يكن هؤلاء الذين يتم إجراءات الحجر الصحي لهم سودانيين مثلكم ولهم في الوطن كما لكم.
لماذا الأنانية الزائدة وحب النفس الذي يمارس في مثل تلك الأوقات الحرجة التي تحتاج إلى وقفة وتكاتف الجميع، لماذا ممارسة النفاق بهذه الصورة غير الإنسانية؟.. هل تنتظرون أن تبني الحكومة مستشفيات وفنادق للحجر الصحي في الصحراء ليتلقى إخوانكم العلاج والرعاية الصحية؟
من العيب أن نرفض أن يتلقى سودانيون مثلنا العلاج في مراكز صحية لمجرد أنها داخل المنطقة التي نسكن بها، وندعي في نفس الوقت إيماننا بالدين والوطن والإنسانية.
ألم تكن تلك المجموعة التي خرجت رافضة لتلقي سودانيين مثلهم، العلاج بتلك المستشفيات، بأنها ذات الفئة التي تطالب قبل إنشاء مراكز صحية ومستشفيات بتلك المواقع، بأن الفائدة ستعم الجميع، أم أنه وبمجرد أن جاء وقت الحاجة خرجت كل مجموعة رافضة إجراء الحجر الصحي في منطقتها.
أيها الرافضون علاج إخوانكم، بالله عليكم لكم أن تتخيلوا كمية الأثر النفسي الذي لحق بمن كان يرغب في الفحص والتأكد من إصابته بكورونا من عدمها بعد خروجكم في مواكب رافضة مجرد وجودهم بينكم.
هل تعلمون أيها الرافضون والمحتجون أنه بتلك الممارسات والاحتجاجات الصبيانية الرافضة للحجر الصحي، جعلتم المشتبه بهم من إخوة لكم كأنهم منبوذون من المجتمع ككل، لأن الحادثة لم تقتصر على منطقة بعينها فحسب، بل كانت أشبه بأنها حالة عامة بعد أن تكررت شمالاً وشرقاً ووسطاً.
آخر الحروف.. قد يقول قائل إن مبرر الرافضين للحجر الصحي بمناطقهم يأتي حفاظاً على أنفسهم وأرواحهم، لكن نسأل نفس تلك الفئة: هل التزمت بتوجيهات الجهات الصحية بالابتعاد عن التجمعات ولبس الكمامة وغسل الأيدي واستخدام المنديل للعطس والكحة حتى تبحث عن نوع آخر من الوقاية؟.. وهل رأى أحد منهم دولة تقوم بالحجر الصحي للمشتبه بهم في الصحراء والمحيطات؟

التعليقات