جاء في خبرٍ بثته بعض المنصّات الإعلامية أن عشرات المهاجرين – بينهم سودانيون – لقوا مصرعهم غرقاً في مياه البحر الأبيض المتوسط إثر تعرض قاربٍ كان يقلهم لإطلاق نارٍ من مسلحين .. وأكّد رئيس منظمة برنامج الحد من الهجرة غير النظامية والعودة الطوعية للجالية السودانية في ليبيا – لـ “سودان تربيون” – أن السلطات الليبية انتشلت، مساء أمس الإثنين، جثث 36 مهاجراً أفريقياً أغلبهم من السودانيين قبالة ساحل الخُمس على البحر الأبيض المتوسط “رحمهم الله وأحسن عزاء ذويهم”.
كما كانت سلطة النظام المباد تتجاهل مثل هذا الخبر الفاجع كأنه لا يعنيها، لم يكن متوقعاً من سلطة الانقلاب إلّا أن تمضي على ذات النهج، ولم يكن غريباً أن تخلو نشرات أجهزة إعلامها الرسمية ومنصّاتها الإسفيرية من أية إشارة للحادث الأليم والترحم على ضحاياه، كأنّ هناك فائضاً من أرواح السودانيين ولا بأس من أن تزهق بعضَها أسماك القرش في عرض المتوسط مثلما يتكفل الرصاص بالبعض الآخر في ساحات التظاهر السلمي على أرض الوطن!
حقيقة الأمر أن استمرار الانقلاب يعني قطع طريق السودانيين للخروج من مأزق علاقة وطنهم بالخبز والحرية .. هذا المأزق الذي يدفع، بين حينٍ وآخر، شباباً من الوطن إلى مغامرة عبور البحر الأبيض المتوسط – بوسائل بدائية لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الأمان – ومحاولة اللجوء التراجيدي إلى حيث المدى الأوروبي يتبدّى أمامهم وهم في أقصى درجات النفي والتشتت، ليموت بعضهم في تلك المياه الباردة بعيداً عن أرض الوطن وشمسه الدافئة وأقماره الناعسة ونيله الممتد!
لكن يبقى رابحاً الرهان على ثورة ديسمبر المجيدة لتنصر أغنية الحياة على بكائية الموت، لأن هذه الثورة لا تعرف الاستسلام وتؤمن أن إرادة الحياة باقية وحتماً ستنتصر.
التعليقات