إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان، حرّم الظلم على نفسه وجعله محرماً بين عباده، والعدالة قيمة إنسانية تمثل واحدة من المشتركات بين كل الديانات والحضارات والشعوب والأمم، أقرتها كل الشرائع وتوافقت عليها كل الفلسفات الوضعية.
وما نشهده اليوم من تعسف في استخدام السلطات العدلية بإطالة أمد الاعتقال لقيادات الإنقاذ لعام كامل دون تقديمهم لمحاكمة، بل تعمد توجيه تهم لا تقوى على الإثبات ولا تقف على ساقين للحيلولة دون إطلاق سراحهم عندما قضت بذلك المحكمة الدستورية، والتحويل من نيابة الى أخرى عندما يتم تفنيد الاتهامات السابقة، كلها أساليب معلومة لتصفية الخصومة السياسية تحت دعاوى ولافتة العدالة.
إن تسييس العدالة أو تعطيل تحويل المتهمين إلى القضاء السوداني الذي نثق في نزاهته لهو زيادة في الظلم؛ وليس من العدل ان يبقى بعض المعتقلين لما يقارب العام في الحبس و هي مدة تعادل فترة أحكام العقوبة عند الإدانة بارتكاب بعض الجرائم.
إن الحبس دون التقديم لمحاكمة و رفض إطلاق السراح بكفالة زيادة في الظلم و يخالف كل قوانين و دساتير العالم بل يخالف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
ان تسييس العدالة و بث روح الانتقام ليس في مصلحة مستقبل بلادنا و وحدتها الوطنية، و لا يخالجني شك في وجود خطة تعمل على تفكيك مجتمعنا و تقسيمه وصولًا لتقسيم بلادنا و تجزئتها.
إنّ العدالة حق و تنفيذ القانون وفقاً لأسس العدالة حق أيضاً، و في ظل الظروف الحالية و جائحة مرض الكورونا فالمطلوب هو اتخاذ قرارات عادلة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بكفالة إلى حين تقديمهم إلى محاكمات عادلة تقضي بالادانة أو التبرئة.
لقد كفلت وثيقة قواعد الأمم المتحدة الدنيا لمعاملة السجناء التي أجازتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر ٢٠١٥م المسماة بقواعد نيلسون مانديلا – وهي تمثل الحد الأدنى لبيئة ومعاملة السجناء – كفلت للمحبوسين والمعتقلين التمتع بذات الحقوق الصحية التي كفلتها للنزلاء الذين يقضون أحكاماً بالسجن.
وحُق لنا هنا أن نتساءل عن اختفاء أصوات التيارات السياسية والسفارات الأجنبية وجماعات ومجالس حقوق الإنسان التي كانت تثير الجلبة في أصغر حادثة إعتقال في العهد السابق، فالمبادئ لا تتجزأ.
المقالات
التعليقات