المركز الوطني ” لمراقبة مبدأ المواطنة و صون التعددية” :عنوان المبادرة ” حوار الدولة” بين الجنرالين

توطئة

ان الأزمة التي عرفت ب”الإنتقال” السوداني ما هو إلا تمظهر من تمظهرات الأزمة الوطنية السودانية الراكدة في البلاد – أي منذ خروج عباءة الكولنيالية – بذلك فهي ازمة بنية شاملة تتفاعل داخلها عوامل و أنساق، يستحيل الفصل بينهما بين الجزئي و الشمولي و السطحي و البنيوي، الراهن، الآتي، اللاحق، التاريخي، الماضي و الحاضر، الجماهيري و النخبوي، فضلا الخارجي و الداخلي. طبيعية الأزمة لولبية، تعيد إنتاج نفسها بشكل مستمر، فيها تتبدل الشخوص و لا تتبدل القناعات، الأزمة السوداني هي أزمة بنية النسق السلطوي السوداني و هو نسق إستبدادي,
في توصيف لراهن الأوضاع في البلاد، ثمة شعور جمعي عام حول فقدانه لقيم الإستقرار و الأمن و العدالة في البلاد جراء تعقيدات المرحلة المفصلية من سيرورة التاريخي و الإجتماعي و السياسي و الثقافي للدولة الوطنية الأولى، و التي على ما يبدو تمضي نحو صيغة البناء المبني للمجهول عوض البناء للمعلوم.
أولا : قبل الدخول في عناوين عامة لهذه المبادرة، ينبغي القول أن:-

  • ” المركز الوطني – لمراقبة مبدأ المواطنة و صون التعددية” الذي يعلن مبادرته اليوم، هو مركز وطني مستقل، بحثي معرفي و سياسي، يهدف إلى تعزيز و مراقبة مبدأ المواطنة و صون ثقافة التعددية و الإعتراف بالآخر كأساس للعيش المشترك في مشروع الدولة المرتقب و المؤجل في البلاد لأكثر من سبعة عقود، أعني الدولة/ المؤسسة، أي الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية العادلة الحديثة ، إلى ذلك يسعي المركز إلى تعزيز نضال الشعوب السودانية نحو الإلتفاف حول تيار وطني ديمقراطي يتبني معركة المواطنة و التعددية و الحرية و الإختلاف و بالفكر الديمقراطي الليبرالي الحر لمشروع الدولة الوطنية الثانية.
    أيضا، الجدير بالذكر ،،،،، نعتقد أن هذه المبادرة تؤسس لحوار “إستراتيجي” يتجاوز التكتيكي و اللحظوي و السائل لمتن الأزمة الوطنية راهنا. لذلك هي مطروحة اليوم للرأي العام الوطني بكل تصنيفاته و تراتبياته لإبداء رأيه بالإشتغال عليها نقدا سياسيا و معرفيا و العمل على بناءها كفعل و إستحقاق وطنيين، و بالتالي ليست من شاكلة المبادرات” الكلاسيكية” التي تقدم لأطراف صراع المشهد السوداني سرا أو علنا، و الغاية هنا، أن ننشيء فضاءا واسعا للحوار الوطني يتجاوز ” النخبوي” إلى المجال العام المفتوح:-
  • لأجل حوار يتيح المجال للتبادل و مفاوضة الآراء و الأفكار بين مكونات المجتمع السوداني و في جهات السودان الأربعة و في مرجعياته المختلفة و المتباينة لحد بعيد.
  • أيضا مثل هذا الطرح، يؤسس لحراك إجتماعي و جماهيري و ثقافي و سياسي فاعل يتخلله تدوير النقاش من النخبتين العسكرية و المدنية إلى عامة الشعب لتكون آلية محورية للتأثير في التوجه الوطني الذي يجب أن ينجز، حيث لا يمكن إنجاز أي توجه وطني دون جموع الشعب السوداني، و الإشارة هنا إلى التفويض الشعبي و الجماهيري اللازم.
    كذلك مهما، أن يؤكد ” المركز الوطني لصون مبدأ المواطنة و صون التعددية” – مع التشديد- أنه ليس ضد المبادرات المطروحة أو تلك التي تطرح أو تلك هي محل إتفاق أو إختلاف، بل نعتقد أن مبادرة المركز “نوعية” تقضيها ضرورة وطنية عبر حوار تاريخي قد يقود إلى تسوية تاريخية. و بالتالي نعتقد أن هناك ضرورة وطنية ملحة دفعت مركزنا لطرح هذه المبادرة .
    العناوين المفتاحية لهذه المبادرة:-
  • أن سؤال ما بعد الثورة التراكمية التي أنجزها الشعب السوداني على نظام ” الإسلاموية” و في مثاقفة قومية وطنية ثورية لم يجيب عليه الإنتقال السوداني الجاري الآن وفق عناصره و شركاؤه.
  • الثورة أنتجت إنتقالا سودانيا و الأخير أنتج واقعا قريب للمساومة أو التسوية ما بين القوى الحزبية و قوى العنف المسيطرة على المجال العام.
  • سقوط الإنتقال الثالث و تم عسكرة الإنتقال، و بات السودان في محنة الإنتقال و قلق المسارات.
    إن الإنتقال الحالي – إن جاز لنا أن نسميه الرابع – المؤكد ليس هو الإنتقال الأول و لا الثاني و لا الثالث، حيث لم ينتجوا إلا إفساح المجال لعسكرة الدكتاتوريات تحت مسوغات و شرعنات مختلفة طوال تاريخ الحكم العسكري الذي إستوطن حكم البلاد ما بعد الإستقلال، فضلا عن ذلك هي فترات محدودة لتدوير النخب السلطوية للسلطة ما بين المدنية و العسكرية و الديمقراطيات المسطرية.
  • الأهم في هذا السياق، لم يتم تدقيق جاد حول ماهية الإنتقال السوداني، أي من أين يريد الشعب السوداني أن ينتقل؟! و هذا يساوي ” تحديد المرحلة التاريخية” بدقة و من ثم سؤال إلى أين؟ و من بعد كيف؟ و لضبط سياق هذا الإستفهام المفاهيمي يبقي صياغته كالآتي: من أين؟! و إلى أين؟! و كيف؟!. و نعتقد هنا من أين؟ أي وضعية للا-دولة التي يعيشها الشعب السوداني ما بعد الإستقلال. و إلى أين، أي نحوالدولة / المؤسسة، الغائبة و المؤجلة و كيف؟! أي، إستحقاقات هذه الدولة الحديثة، دولة المواطنة الحقة، أي الدولة و متطلباتها و معطياتها الموضوعية و المتعارف عليها.
  • أهم تداعيات هذا المشهد هو سقوط الدولة الوطنية الأولى، أي ما بعد الإستقلال و إنهيار عديد من مرتكزاتها و كذا فقدان الكثير من مؤسساتها شرعيتها، و تآكل المؤسسات القديمة و إنهيار منظومات التمركز فيها و إن بدا على جزء منها المقاومة لصالح مؤسسة منظومة الهيمنة التاريخية الراعية للدولة الوطنية الأولى التي تتآكل و تنهار تدريجيا. كل هذه التجليات التي نعيشها اليوم، أدت إلى إشكاليات و أسئلة مقلقة، منها:-
    ++ خلل في المرجعيات الوطنية الغير متفق عليها تاريخيا و كذا تعدد الشرعيات بل صدامها، فضلا عن صعود تراتبيات و تشكيلات إجتماعية و إقتصادية و تراجع أخريات.
    ++ انفجار الهويات القاتلة و سؤال العيش الإنساني المشترك بين السودانيين.
    ++ حالة إستقطاب شعبوية حادة و على جميع الأصعدة و بروز إشكالية الثنائيات المضادة.
    ++ الصراعات القبيلية و الجهوية التي تغذي السياسية
    ++ ارتفاع مستوى العنف و الاستقطاب السياسي و الايدولوجي و تدهور المؤسسات و شرعيتها
    ++ تغلغل العنف المادي و السياسي داخل بنى الدولة و المجتمع و تحوله الى نمط و سلوك سياسي و ثقافي
    ++ الفراغ المؤسساتي و السياسي المهول و تقلص بل تراجع الوظائف التوزيعية للدولة على مستوى الامن و التنمية و فرض سيادة القانون، هذا الانزلاق المفصلي و التاريخي جعل الدولة تفقد احتكار العنف المشروع لغياب شرعية السلطات نفسها و هذا الفراغ اعطى بعد جيو- استراتيجي مما مهد التدخلات الخارجية بشكل كثيف، حيث هو حديث العامة.
    ++ محنة الإنتقال السوداني لا تتعلق بهندسة نصية دستورية وفق أي ترتيبات جاءت لأن الأمر يتعلق
    بسقوط العقد الإجتماعي القديم و تداعيات هذا السقوط كما هي ماثلة للعيان.
    ++ ما تبقى من مشروع الدولة الوطنية الأولى يعيش اليوم على ما يمكن تسميته ب “توازن الرعب” عسكري، أو جماهيري،،،،، إلخ و التوصيفات هنا عديدة.
    ++ خلل في توازن القوى القديمة.
    ++ و جيوش بحاجة إلى ترتيبات وطنية أمنية شاملة، لأن كل قوى تحرس مشروعها في غياب مشروع وطني موحد تاريخيا. و في تعبير عن هذه الأزمة جاء الخطاب السياسي و الإعلامي ” حربيا”، و على سبيل المثال لا الحصر.
    ++ سقوط تقنية التمركز السلطوي الحاكم و المتمثلة في الرباعية الأتية” الدمج، الإلحاق، الإستيعاب، الإلغاء” و الأخير قد يقود إلى الحرب ما دامت الثلاثية الأولى غير فاعلة.
    و من هنا نعتقد أن التعريف الموضوعي للصراع هو الذي يؤدي إلى تأسيس الدولة المؤجلة كما ذكرنا سابقا
    ++ هذه المبادرة تنطلق من فكرة توازن القوى القائم.
    ++ النظام القائم هو إنعكاس لتوازنات القوى القائمة، إن كان في البيئة العسكرية أو الإقتصادية أو الإجتماعية.
    ++ كل القوى العسكرية في البلاد تحمل مشاريع سياسوية داخل أبنيتها و ليست محايدة في الصراع الوطني و بالتالي المسائل العسكرية و الأمنية ليست مسائل هندسية/ عسكرية صرفة.
    ++ سيرورة و صيرورة الأزمة السودانية وصلت مقفلتها التاريخية الحاسمة.
    و هذا معناه أن البلاد بحاجة إلى ترتيبات وطنية جديدة” سياسية و عسكرية و أمنية”، ليست تلك النمطية أو المألوفة، و ما يجري الآن هو نمطي و مألوف و لا يشكل مخرجا لإنتاج الدولة و هو الإستحقاق الوطني الأول و بإمتياز و الذي ياخذ شرعيته أو أولويته من واقع البلاد عامة،،،،، عليه، أطلقنا على عنوان مبادرة المركز:-
    “حوار الدولة” هو حوار إستراتيجي و شعاره ” دولة للكل و حقوق للكل.
    أطرافه

أ/ الجيش السوداني و هي قوى عسكرية رسمية ذات تأطير سياسي على المستوى الفوقي أهم مركز هيمنة سلطوية في جهاز ” التمركز السوداني”
ب/ الدعم السريع، هي قوى عسكرية صاعدة و هي بذلك نتاج النسق السلطوي الإستبدادي.
ج/ الوسطاء و الخبراء و فريق التفاوض
تعريف
” حوار الدولة” / هو حوار لتاسيس الدولة الوطنية السودانية الثانية علي شرعة الحقوق و القانون و التعددية و المواطنة و الديمقراطية و الحرية و المساواة و الشراكة الحقة و المؤسسات.
” حوار الدولة” يختلف عن حوار السلطة الذي يجري حول توزيع السلطة و النفوذ، كذلك ليس هو حوار الأحزاب، ليس هو حوار صراع أو تناقس، بل هو حوارا لترتيب و تقعيد الصراع و بحقائقه الموضوعية لغاية ” تسوية تاريخية” و نهائية و بذلك هو حوارا لإنتاج الدولة، فهو حوار إيجابي، تكاملي بشكل يؤسس للدولة السودانية المؤجلة، دولة المؤسسات العادلة، كأهم إستحقاق وطني .

أبواب المبادرة
الباب الأول
1/ إعلان مباديء ” إلتزام إعادة ببناء الدولة و إعادة هيكلة مؤسساتها …..” بين الجيش و الدعم السريع يؤكد فيه أنهما قوتان مكملتان لبعضها البعض، و بالتالي ليستا قوتين متنافستين متصارعتين و يعملان- أي الجيش و الدعم السريع -لإنجاز مهمة وطنية واحدة عجزت عنها نخب البلاد السابقة ” العسكرية و المدنية” لرسم مسار جديد للسودان بتنفيذ شعار الثورة و هو شعار تأسيس و بناء الدولة للأجيال.
2/ تأكيد رغبة قائدي الجيش و الدعم السريع الدخول في حوار ثنائي عميق حول” حوار الدولة” و بعيدا عن الإعلام، حول الدولة عبر البناء و الإصلاح و الهدم ، و هذا لا يتأتي إلا بنقد عميق للدولة الوطنية الأولى و مرتكزاتها و مرجعياتها” و شكل الممارسة و الفعل.
3/ إعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة، بدءا من الخدمة المدنية و الإقتصادية إلى العسكرية و الأمنية و القانونية و بما يتوافق و معطيات الواقع الإجتماعي و الجهوي.
4/ الإقرار بأن هناك قوى صلبة و مرنة مهيمنة سببت إشكاليات وطنية و تراكمت هذه الإشكاليات و ما محصلة اليوم إلا و ناتج مباشر لمحصلة تاريخية فاشلة لم تنجز فيها الدولة.
5/ إلغاء المفاهيم الآتية من قاموس ” حوار الدولة” مثل مفاهيم “الدمج و الإلغاء الإستيعاب و الإلحاق”
5/ هذه الترتيبات الوطنية الشاملة تؤسس للأتي:-

  • إعلان المباديء الوطنية العليا للدولة الوطنية الثانية ” يتم إستفتاء الشعب على بنودها”، كما يتم بمشاركة القوى السياسية، ليشكل أسس المشروع الوطني المفقود و الوثيقة الأعلى.
  • إعلان وثيقة حقوق الإنسان و المواطن السوداني ” يتم الإستفتاء عليها” بالتشاور مع القوى السياسية.
  • الدعوة لمجلس دستوري لدستور دائم وفق وثيقة المباديء الوطنية العليا المستفتى عليها و ميثاق حقوق الإنسان و المواطن السوداني المستفتى حوله، ليشكلا بذلك أهم مرجعيات دستورية
    و تكوين هذا المجلس الدستوري يتم بمشاركة القوى السياسية و المدنية و المرأة و النقابات و المتخصصين من الجامعات و القوى الأهلية و رجال الدين و كل قوى المجتمع الفاعلة.
  • يوكل ” للمجلس الدستوري” لبناء نظام إنتخابي حديث و مواكب يؤسس لإرادة جماهيرية حقيقية، و ذلك بالتشاور مع القوى السياسية و النقابية.

الباب الثاني
يتم الإتفاق و التوافق حول تشكيل حكومة تسييرية مصغرة، محددة المهام و الإختصاصات خلال عملية ” إعادة بناء الدولة و إصلاح هياكلها و مؤسساتها” و ذلك لتسيير دولاب الدولة المدني
الباب الثالث
هو باب العدالة و العدالة الإنتقالية.
الباب الرابع
بعد إنهاء عملية بناء الدولة و إعادة هيكلة مؤسساتها”، يتم الإتفاق على مواعيد إجراء الإنتخابات العامة لبناء الشرعيات الدستورية المنتخبة لكل الفاعلين السياسيين.
الباب الخامس
في الباب الأخير يتم فتح باب الترتيبات العسكرية و الأمنية الوطنية الشاملة بين ” الجيش و الدعم السريع و الحركات الحالية و اللاحقة و ما يسمى بدرع السوان و تماذج؛؛؛؛؛؛إلخ، و كل ما له طابع عسكري” و ذلك لغاية حماية مؤسسات التعاقد الجديدة و مؤسساتها و السيادة الوطنية، هذه الترتيبات لا تتم بفهم الدمج أو إعادة الهيكلة، بل لصالح جهاز دفاعي أمني و شرطي سوداني مهني جديد. يعمل وفق القانون و بالتمثيل العادل و بالمعايير العلمية المعرفية المعروفة او المتفق عليها و يكون على الحياد و لا يتعاطى السياسة.

التعليقات