_ ساكتب اليوم من واقع تجربتي ومن خلال الحكاوي والقصص التي سمعتها على مدار الفترة السابقة ومنذ اعلان جائحة كورونا في السودان، وقد كنت احد الحاضرين من داخل المؤتمر الصحفي لوزير الصحة في اول إعلان حالة، ووقتها كانت تدور كثير من الاسئلة في مخيلتنا ولكن لم نمنح الفرصة الكافية لطرحها فقد كان الوزير متعجلا.
_ تجربتي الشخصية بدأت منذ أسبوع عندما بدات الاعراض تظهر، حيث بدأ الأمر بالرشح ثم جفاف الحلق ثم كحة ووجع حلق ثم شعور بسخانة في الجسم ودرجة حرارة عالية ثم شعور بوخذات ابرية تصيب الرئة، ثم صداع حاد نصفي يتنقل يمين ويسار واحيانا كامل، ثم الم في المفاصل يصل حتى الاصابع، مع تزايد الاعراض عند البروده.
_ منذ ان شعرت في البدايات بالاعراض الاولية كنت اعزل نفسي بعيدا عن الناس ولا اتعامل مباشرة حتى يتضح الأمر، واحرص على ارتداء الكمامة واعقم المنزل بالمطهر والكلونيا وابخر المنزل بالنيم.
تواصلت مع طبيب واخطرته بتلك الاعراض، فسالني ما اذا كنت مخالط لشخص مصاب، اخبرته لا علم لي، فسالني عن خط سيري، فاخبرته انني اتنقل ما بين الطائف والرياض ووسط الخرطوم والمنزل، واخبرته انني ازور صديقي في صيدلية كثيرا واجلس معه،قبل اعلان الحظر، فرجح ان اكون قد اصابتني العدوة من تلك المناطق وخاصة الصيدلية، ثم طلب مني ان اعزل نفسي واتصل بالطوارئ لاجراء فحص كورونا لان الاعراض هي نفسها.
اتصلت قبل خمسة ايام بالطوارئ من خلال الرقم 9090 واخطرتهم عند الصباح بحالتي وقد بدأ الاعياء ظاهرا وبدأ الأمر يزداد شدة، ثم جددت الاتصال للمرة الثانية والثالثة والرابعة خلال يومين، فاخبروني ان الامر يمثل اشتباه وعلي ان اعزل نفسي وهي خطوة سبقتهم عليها، ثم بعد ذلك قالوا لي انه علي ان اتصل بالرقم 221.
_ حاولت الاتصال بالرقم كثيرا في المساء وفي ليل كنت فيه اكثر شدة مع الاعراض وبدأ الصدر يضيق والرئة اشد، فلم يرد احد، ثم جددت الاتصال في اليوم الثاني، فرد علي احد الشباب ووقتها كانت طفلتي بدات عليها الحمى وفقدان الشهية وعدم النوم ليومين وقد تجاوزت الحمى ال35، فاخبرت الشاب عن الامر فقال لي انه سوف يرفع بلاغ للوبائيات لاخذ العينة ويجب ان انتظر وان شعرت بضيق التنفس ان اذهب الى المستشفى.
_ فقدت الامل بعدها فحديث الشاب اوضح لي بانني ربما انتظر اسبوع، بدأت ابحث عن علاجات أخرى وطرق اخرى للتعامل مع الاعراض والمرض، فتواصلت مع مصاب في فرنسا، اكد لي شعوره بذات الاعراض وكيفية تخلصه منها، ثم تواصلت مع دكتور في كندا اخبرني ان هذه الحالة لا تحتاج الا لفحص عاجل وان الاعراض مؤكدة بنسبة 100%.
_ ناشدت من خلال بوست على الفيس بوك الجهات الرسمية والمسؤولة بأن تتعامل مع الامر بأقصى سرعة عند حالات الاشتباه فهناك بطء لكي يتم التعرف على المرض مبكرا قبل ان ينتشر
تلقيت العديد من الرسائل من اشخاص لديهم ذات الاعراض واشخاص قاموا بالتبليغ ولم تصلهم سيارات تنقلهم، ولم يتواصل معهم شخص ليخبرهم كيف يتعاملوا مع الاعراض ومع المرض وكيف يقيمون العزل المنزلي او الحجر. اتضح لي جليا ان الوبائيات واخذ العينة والوصول الى المرضى والمصابين به خلل كبير، يبدأ من الطوارئ التي ذكرت لي احداهم انني لو كنت تعبان علي ان اذهب الى اي مستشفى او ان انتظر، وليتها حددت لي مستشفيات بعينها، فتذكرت حديث الوزير (بندول ودرب وموت) و صحتك في يدك، ثم بدات ابحث في طرق ذاتية
_ اتضح كذلك ان الحملة التي في التلفزيونان والاذاعات والصحف، بالاتصال في حالة الاشتباه او ظهور الاعراض، واحاديث زميلنا فيصل وزير الاعلام ووزيرهم اكرم عن ان الناس لا تتصل وتبلغ عن نفسها وعند شعورها باعراض، هو حديث لا يخرج عن اثنين :
اما ان الوزير لا يعلم بان المتصلين والتعبانين لا تصلهم سيارات الفحص ولا يجدون اي متابعة من ادارتهم تلك.
او انهم يعلمون ذلك ولكنهم يتملصون بحديثهم هذا( ان المواطنين لا يبلغون عن انفسهم في حالة شعورهم بالاعراض) وهو رمي المسؤولية على الاخر.
الان وقد مر اسبوع على شعوري بالاعراض وعلى عزلي لنفسي، ومرت خمسة ايام على رفع البلاغات ومعاناتي مع المرض وشدة الاعراض ولم يصلني الى الان اي شخص لياخذ عينة لكي اطمئن انا وتطمئن اسرتي واهلي اللذين هم قلقون الان ان كانت النتيجة سلبية او ايجابية.
_ تاكد لي ان هنالك العديد من الاشخاص في ذات الوضع لم تصلهم الجهات المسؤولة رغم البلاغات وهذا بمثابة واقع مرير وتقصير من إدارة الوبائيات لا يجب ان يمر فلا يمكن ان ينتظر مريض او مشتبه او من يشعر بالاعراض ان يكون حبيس داخل غرفة ينتظر ابسط حقوقه وهو الفحص.
_ ادارة الازمة بتلك الطريقة لا تعني غير ان الكارثة اتية والسبب الرئيسي فيها عدم جدية الطوارئ مع نوع البلاغ نفسه.

نقاط متفرقة :
_ ان تطلب منك الطوارئ بان تذهب الى اي مستشفى وانت في حالة اشتباه في ظل انتشار مجتمعي، يعني بانك لو كنت مصاب ان تحمل المرض وتذهب لمخالطة الاخرين، بداية من سائق العربة التي تنقلك، ثم الطبيب الذي يستقبلك ثم العنبر الذي ترقد به.
_ ان كنت سليم فحتما ستكون في حالة قلق دائم بان وضعك هناك سوف يصيبك وان كنت مصاب فحتما لن ينجوا اي شخص خالطك أثناء تنقلك.
_ كم من الاشخاص قد بلغوا عن انفسهم ولم تصلهم الجهات الا بعد ان قضى المرض على مناعتهم فرحلوا.
_ ايضا كم من الاشخاص لم تصلهم الطوارئ وتركتهم في منازلهم ولم تقدم لهم معلومات مهمة يحتاجونها منزليا فانتشرت العدوى بينهم.
_ الخلل الاكبر من انتشار المرض يتحمله الوزير وادارة الطوارئ.
_ فمثلي الان لو خرج من هذه الغرفة واختلط مع الناس في الخارج وعندما وصلته الوبائيات واخذت العينة بعد اسبوع او اسبوعين وطلعت ايجابية فكم مصاب سيكون قد اصيب؟ وحتما هناك كثر!
مخرج :
_ حاسبوا اي تقصير والا ستندمون
مخرج ثاني :
اليوم اكملت 8 ايام في عزل وخمسة ايام منذ ان اخبرتهم بحالتي واعتبروها اشتباه ومازلت انتظر وصولهم فمتى سيصلون؟ ام لن يصلوا؟

التعليقات