عاد عبد الله آدم الشهير بالدكتور الحارس لمزرعة الخواجة المطلة على النيل بأطراف الخرطوم عصرا منهكا بعد تحقيقات مذلة أجراها معه اعضاء مجلس الادارة، حيث اكتشفوا سلسلة من السرقات الممنهجة بالمزرعة شملت وقود المحركات والسيارات وقطع الغيار واختلاسات في خزينة التسيير، وبعض المحاصيل والألبان التي كانت تباع في السوق الأسود خارج رقابة المحاسب.
وكانت هنالك شكاوى من استخدام بعض المرافق والمكاتب مطارح للهوى لبعض الموظفين والعمال والعاملين والامنيين المتفلتين، وقد تم تهديد الحارس بأن يقدم كشفا بكل المخالفات والمتهمين وهو أولهم وبعد استرداد المفقودات سوف ينظر مجلس الادارة في تسريحه وقفل الملف دون ان يقدم لمحاكمة.
آوى ليلة الخميس المجهدة هذه إلى فراشه وراح في سبات مقلق وكوابيس اقضت مضجعه وهو يتذكر ما ينتظره من سؤال وعقاب. نهض فجأة وقد تذكر شلة أنس الخميس الذين سيتوافدون عليه اول الليل للاستمتاع بالأنس الاسبوعي فأعد على عجل المجلس والشراب، ومحتويات حلة القطر قام، وعود فنان الحيرة، ولكن كانت خيبة أمله عظيمة لغياب الشلة دون اعتذار فهذه ليلة ظل ينتظرها على أحر من الجمر.
افتقد راشد غرور منظر القعدة والمحاسب سيد بابكر المشهور بسيد درويش فنان الحيرة، والسر عذاب مدير وكالة سراب المختصة باسرار وخفايا المدينة، وأمير الشايب الشهير بضروري الجمهوري، وعدنان معتصم الشهير بحردان التكريتي، والناشطة التومة كوجاك المشرفة على الحلة والغذائيات والتي تسهم احيانا ببعض الاغنيات التم تم في حالة رهق سيد درويش، والرفيق أمير عز الدين فاكهة الجلسة والعامر بكميات ضخمة من الاشعار الحرة والعامية والكثير من النكات التي استهلكت وقاموا بتنميرها كسبا للوقت.
وغاب أيضا أبكر حركات ممثل المجموعة في اجتماعات القوى الثورية وتنسيقية الحراك ومؤتمر جوبا وافتقد ايضا الهادي الاتحادي.
وما بعد منتصف الليل وعندما يئس عبد الله ادم من مجيء الشلة اكل وشرب مما تيسر واوى الى فراشه ولكن في تمام الساعة الثالثة صباحا احس بحركة غريبة في ارجاء نزله وفي الغرفة المجاورة. فتح نصف عين وبدأ يراقب بحذر فهاله أن شلة الانس كانت تمشي على امشاط اقدامها وهي تجمع في حذر واحترافية كل متعلقات المزرعة ووثائقها ولابتوب المقررات السرية للحراك والاتصالات والاجتماعات والأسماء الكودية وحقيبة العمولات الدولارية.
ظل عبد الله يراقب كل حركاتهم وسكناتهم دون أن ينتبهوا الى يقظته الخبيثة. كانوا يتهامسون وهم يحزمون كل ما رغبوا في ترحيله وحملوه في خفة وخفاء وتسللوا مهرولين صوب البوابة التي كانت تنتظرهم خارجها عربة نصف نقل من غنائم زيرو رماد. قفزوا داخلها وكانت تنتظرهم مفاجأة لم يتوقعونها ولم تكن في البال او حتى في الخيال فقد فوجئوا بالحارس عبد الله ادم يقفز بخفة قط متوهطا داخل السيارة وهو يحمل حقيبته السوداء الشهيرة التي جمع فيها كل أوراقه ومستنداته السرية مع كرتونة دس فيها ملابسه واحذيته والكشتينة والعود القديم فصاحوا كلهم في صوت واحد شق هدوء المكان: انت يا عبد الله ماشي وين؟! فرد عليهم ببرود وهدوء وقد اكتست اعينه براءة يحسد عليها : ما قلتو راحلين!.
مذكرة تفسيرية: هذه الحكاية ليست لها أي علاقة بالحاضنة السياسية ولا مجموعة المزرعة ولا الوضع السياسي الراهن.

التعليقات