الخرطوم : أحمد جبارة
على نحو غير متوقع أحتشد الالاف من شباب الاسلاميين في إفطار جماعي بساحة الحرية دعت له مجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي ، ويأتي إفطار الاسلاميين تزامنا مع ذكرى المفاصلة التاريخية التي حدثت للحركة الاسلامية في اليوم الرابع لشهر رمضان ، وبحسب متابعات (الجريدة) فإن عدد كبير من شباب وشيوخ الاسلاميين كانوا حضورا في الافطار والذي شهد ترديد للهتافات والشعارات الاسلامية ، فيما نددوا بالعلمانية ، واعتبروها طعنة في خاصرة الدين الاسلامي .

تداعي إجتماعي
الشاهد أن أفطار شباب الاسلاميين في ساحة الحرية وجد ردود افعال واسعة ، وفيما اعتبره البعض تداعي إجتماعي ، رأى البعض الأخر إنه نشاط سياسي لعناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول ، وبين هذا وذاك اعتبره أخرون بمثابة رفض جهير من شباب الاسلاميين لعجز قياداتهم عن إبتكار مشروع فكري جديد يواكب المرحلة وهو الامر الذي جعلهم يتململون من العجز الواضح لقياداتهم والتي تقبع نصفها في السجون ، لذلك بحسب كثيرين ، تداعوا وأحتشدوا في ساحة الحرية من أجل تحريك سأكن قياداتهم .

لجنة التفكيك على الخط
وفي صعيد متصل ، قالت لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ، إن الإفطار الرمضاني لمنسوبي النظام السابق بساحة الحرية، الذي تم تنظيمه أمس، لم يكن ذا طابع اجتماعي، حسب ما بثته مقاطع فيديو عبر السوشيال ميديا، وإنما واجهة لنشاط سياسي لعناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول، مما يعد نشاطاً مخالفاً لأحكام المادتين ٤ (١) و(٢) من قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ واسترداد الأموال العامة لسنة ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ ، وأضافت اللجنة في بيان صحفي أطلعت عليه (الجريدة)  “شرعت لجنة التفكيك فور نشر تلك المقاطع في اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المجموعة المشاركة في هذا العمل المخالف للقانون، وتم بناءً عليها اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بالقبض على المشاركين، ومن ثم تحركت قوة مشتركة ضمت الشرطة وعدداً من منسوبي الأجهزة الأمنية والنظامية الأخرى والتي قامت بمجرد وصولها لمكان تواجد تلك المجموعة بساحة الحرية في إنفاذ إجراءات القبض على المشاركين الذين هرب معظمهم من المكان، في ما تم القبض على عدد منهم واتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتهم” ، وقالت اللجنة إنه و من خلال تدقيق بيانات عدد من المقبوض عليهم، اتضح أن أحدهم ضابط برتبة الرائد في السلاح الطبي، واثنين من الضباط بجهاز المخابرات العامة، بجانب ضابط في الشرطة ، وأضافت: “تم تسليم أولئك النظاميين للاستخبارات العسكرية والشرطة الأمنية، كما تم القبض على الشخص الذي قام بتصوير الفيديو الخاص بتلك الفعالية وبثه على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي اتضح بأنه موظف بقسم التصوير بقاعة الصداقة” ، وبحسب اللجنة فإن التحريات الأولية حددت هويات العديد من المشاركين الذين لم يتم القبض عليهم، بجانب إنها وفرت معلومات أخرى تتعلق بالجهات المنظمة والداعمة لهذا المنشط ، وأكدت اللجنة، أنه ستتم ملاحقة المشاركين في الإفطار لإلقاء القبض عليهم واتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهتهم جراء مخالفتهم لقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ واسترداد الأموال العامة لسنة ٢٠١٩ تعديل سنة ٢٠٢٠ وقانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب ، وشددت لجنة التفكيك أنها لن تتهاون أو تتقاعس مطلقاً تجاه أي أنشطة لمنسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته التنظيمية والسياسية، وستقوم بالتطبيق الصارم لأحكام القانون بحظر ممارسة أي أنشطة متصلة بالحزب المحلول، وأضافت: “نؤكد بأن شعبنا وبعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة، طوى صفحة النظام المدحور البغيض للأبد وأن أحلام منسوبي النظام المباد بالعودة لسدة الحكم مرة أخرى لن يكون سوى عشم للأبالسة في الجنة”.

رسائل الشباب
ويرى رئيس حزب الأمة الوطني عبدالله مسار ،أن افطار شباب الحركة الاسلامية رسالة في بريد الفريق اول عبدالفتاح البرهان وبريد د .حمدوك ، ورسالة إلى احزاب قوى الحرية والتغيير و الشعب السوداني مفاداها، إنهم موجودين وإنهم كشباب يمثلون حركة فكرية ولن ينحلوا او يزابوا بقرار ، وأضاف في مقال له ، كذلك إفطار شباب الحركة الاسلامية يؤكد إنهم سيتمددوا وينتشىروا حسب الحال لاسيما أن النظام السياسي الحاكم لم يستطع ان يعالج مشاكل الوطن الحياتية والاجتماعية والروحية ، ودعا مسار الاسلاميين إلى فصل السياسة عن الافكار والتعامل مع الفكر بحكمة ، مؤكدا أن المؤسسات الفكرية هي موسسات مجتمع مدني وتعيش في المجتمع ووسط الشعب ، وقال ، إن الاحزاب السياسية حسابها صندوق الانتخابات يسقط من يريد وياتي بمن يريد ، وإنه لا يجب أن تحظر بقانون سلطاني ، وأضاف ، كذلك الجريمة مسئولية فردية يحاسب عليها الشخص الذي ارتكبها لا التنظيم السياسي او الفكري ، لافتا إلى أن الدولة الان تحتاج إلى تعافي سياسي  لجهة إنها تمر بظروف صعبة وازمات حادة ، مؤكدا أن اي خلاف بين القوى السياسية والفكرية يذهب بريحها ، مطالبا من الجميع بضرورة أن يعملوا بتراضي وطني  يجنب البلاد الصراعات ويوحد صف الامة .

صدمة الاسلاميين
في ذات السياق أعتبر المحلل السياسي الفاتح محجوب مبادرة شباب الاسلاميين في الافطار الجماعي بمثابة رفض جهير لعجز قيادتهم عن ابتكار مشروع فكري جديد ببرنامج سياسي يواكب المرحلة ، وعليه وبحسب محجوب ، فإن برنامج شباب الاسلاميين و بالرغم من ضخامته لا يعتبر اعلان لعودة الاسلاميبن بقدر ما هو اظهار لمدى تململ شباب الاسلاميين من العجز الواضح لقياداتهم التي يقبع نصفها في سجون الثورة ، بجانب أن معظمهم يعانون من المرض ويفتقرون للقدرة على المبادرة ، وأضاف في تصريح (للجريدة) أن الاسلاميون نظريا يمتلكون كافة الوسائل المادية التي تمكنهم من العودة للسلطة إذ انهم الاضخم من حيث عدد الكوادر السياسية والافضل تدريبا والاكثر انتشارا وسط شرائح المجتمع ، وأستدرك ، لكن الاسلاميون لا زالوا في مرحلة الصدمة بعد زوال نظامهم الذي رفض جمهورهم الدفاع عنه بل شاركت جموع كثيفة منهم في اسقاطه وقدموا شهداء ابرزهم الاستاذ احمد الخير وكثير من الجرحي ، وتابع ، مع كل ذلك لم تتمكن قيادة الاسلاميين باحزابها المختلفة من صياغة مشروع فكري جديد يواكب المتغيرات في سودان ما بعد الانقاذ ولهذا لا زال انصار التيار الاسلامي في السودان محتارون وخارج مظلة الفعل بالرغم من ضخامة حجمهم وقدراتهم .

لماذا التجمع؟
فيما يذهب الخبير الامني طارق محمد عمر في حديثه (للجريدة) إلى أن الاداء الضعيف للحكومة في مجال الخدمات والاقتصاد وارتفاع الاسعار كان سببا في تحفيز الاسلاميين للظهور من جديد ، ورأى الخبير الامني ، بانهم سيجدون تعاطفا من الجماهير المحبطة مالم تحسن الحكومة من ادائها في كافة المجالات خاصة الامنية والصحية والمواصلات والنقل .
لكن القيادي بمبادرة القضارف للخلاص جعفر خضر يتفق مع لجنة إزالة التفكيك ، إذ اعتبر تجمع شباب الاسلاميين معظمه من عناصر المؤتمر الوطني المحلول ، وارجع ظهورهم في الساحة السياسية إلى التراخي في محاسبتهم جراء الجرائم التي اقترفوها ، بجانب عدم استرداد معظم الأموال التي نهبوها والتي بحسب خضر يسخرونها ضد الثورة، مؤكدا في حديثه (للجريدة) أن وجودهم ليس كما ظهر في ساحة الحرية أمس بل بحسب خضر أن بقاياهم مازال موجود في قمة هرم السلطة بالمجلس السيادي وفي دواوين الدولة ، لافتا إلى أن ذلك يعطي إشارات عكسية ، مضمونها ، إن الإسلاميين لم يذهبوا تماما، مشددا على ضرورة استكمال الثورة وذلك بإسقاط بقاياهم حتى تكون عودتهم في عداد المستحيلات.

التعليقات